السبت، 7 مايو 2011

قرار مصيري !!

لا زلت أحن لدراستي الثانوية وزاد ذاك الحنين قراءتي اليوم لخبر , بان مدارس الرياض تحتفل بتخريج دفعتها الخامسة والثلاثون من طلبتها , كانت مدرستي ركيزة اساسية في إثرائي معرفيا , كانت بيئة تعليمية ممتازة قل نظيرها في ذلك الوقت
مع ان هناك شائعة تدور بين افواه الناس بأن طلاب هذه المدارس مدللين ويومهم الدراسي يمضونه وكأنهم في رحلة , وهذا كلام غير دقيق اطلاقا , تميزت مدرستي بالانضباط وتطبيق القانون بصورة جدية ,
مابرح يوم تخرجي عالق في ذاكرتي كان الموقف مهيب , شاركت في مشهد تمثيلي امام راعي الحفل وكان يحكي عن فتح الرياض ورددت قصيدة احفظ ابياتها الى الان ..
بنهاية الحفل اختلطت دموعنا نحن الطلاب , وايقنا ان هذه هي الخطوه نحو حياتنا القادمة , بقدر فرحنا ذلك اليوم كان في حلق كل واحد منا غصة أبت الا ان تترجمها الدموع , عندما انفض الجمع تحلقنا نحن الطلاب لوحدنا وطغى هدوء مهيب واكتست الوجوه وجوما وصفرة , دام الصمت ما يقارب العشر دقائق , كل منا حلق في عالمه.
استعرضت شريط حياتي في دقائق , يومي الاول في المدرسة بعد الروضة والتمهيدي كنت مزهوا بنفسي ولم انم تلك الليلة كنت انتظر الصباح بشغف , كنت اظن بتفكيري الطفولي انني ذاهب لمكان اكبر وبه ألعاب كبيرة وكثيرة .
تذكرت آلامي وآمالي وخيباتي طوال الاثنتي عشرا عاما , انكساراتي ثم وقوفي , صراعاتي وتفوقي , دموعي , ابتساماتي احلامي التي نمت معي ,
اتذكر اول يوم بالمدرسه حينما ضحك الطلاب على لتغت لساني , واصبح طلاب الصفوف العليا يستوقفونني ويطلبوا مني نطق كلمات بها حرف الراء ليضحكوا على طريقة نطقي .. اتذكر اول شهادة تفوق , اول عراك لي , اول حفلة اقامنها الماما لتفوقي .. اول هديه , اول بسمه , ودموعي التي رافقتني في مسيرتي ...
افقت على صوت فهد , يناديني واذ المكان يضج بالاصوات , انضممت اليهم وشرع كل واحد يتحدث عن الوجهه القادمه ,
احمد و نواف قررا دخول كلية ساندهيرست العسكرية بلندن , مشعل سيدرس القانون , سلطان يعشق السياسة , سطام مهووس بالبرمجيات
, واكمل الباقين احلامهم وامانيهم ..
حتى جاء دوري فأسقط في يدي ... وقتها لم احسم أمري بعد ॥ كنت افكر بدراسة الفنون الجميلة بايطاليا , وعرضت الامر على والدي ولم يمانع , ولكنه اقترح ان ادرس ادارة الاعمال وتبقى الفنون الجميلة بامكاني اخذ دورات فيها وعدته بالتفكير بالامر ..

سعود لم تتكلم ؟ اين ستدرس؟ لحظتها قلت بلا تفكير سأدرس ادارة اعمال ...
انفض الجمع تلك الليلة , يممت صوب المزرعه كنت بحاجة للانفراد بنفسي

سار الوقت سريعا وتوجب علي الاختيار , وتوكلت على ربي وقررت الدراسة بامريكا انهيت جميع الاجراءت وكنت احمل هم بعدي عن سيدتي الوالدة ووالدي وماما زينب والبقية , حزمت حقائبي وكان يوم الرحيل يوم نحيب للجميع وكأني لاول مرة اسافر مع اني كنت اغيب بالشهر والشهرين ..
وصلت مدينتي وكنت اعرفها مسبقا , مرت الشهور رتيبة تعودت على الاجواء , واستمتعت بها , بعد شهرين بدأ المرض ينهش جسد سيدتي الوالدة , اصبحت كل شهرين اسافر للاطمئنان عليها , مع عتب بسيط منها باني ارهق نفسي بالسفر وتطميناتها انها بخير , وانا بغربتي حاولت اتماسك ان اقنع نفسي بان الامور ستسير بخير , ولكن طيف والدتي لا يفارقني ..
بعد سنه من الغربه وجدت نفسي احزم حقائبي وأعود ناكصا الى الرياض مقررا عدم الاستمرار .. أريد أن أضل قريبا من حضن امي ..
قرار عودتي رافقه جلبة عظيمه من قبل اخوتي لاموا ابي كثيرا وقالوا سبق ان اخبرناك انه لن يكمل ولن يكون مثلنا وانت استعجلت في ارساله لافضل الجامعات وهاهو عاد بخفي حنين , لم يدع لهم المجال او الفرصه واغلق الابواب في وجوههم ..
وقال : اهتموا بأبنائكم ودعوا ابني هو يعرف كيف يتكفل بنفسه ..
اكملت دراستي بالداخل بنفس التخصص ولم اندم على ذلك ابدا , رافقت والدتي في مرضها سافرت معها , بت قريبا قريبا منها ..
عدت كالطفل بين يديها انام في حضنها وارتشف من حكمتها وعطفها وحنانها ,,






وها انا اليوم افقد بوصلتي ..
محراب الحنان ..
ونور الحكمه ..
ولكن الذي يربط فؤادي ...
ان دعواتها وصلواتها تحرسني الى اليوم ...
وبعدها اصبحت امهات العالم .. امهات لي ...

الأربعاء، 2 مارس 2011

الحزن الجديد !!

استميحكم العذر لنقلكم إلى زمن اللحظة ..
اكتب من غرفة الصقيع ,
والأطباء اشتاقوا للنبش في عش العنكبوت ..
وفعلوا ولم يجدوا سوى أنينا وأملا أثخنه الألم ..
تمنيت أن يشارككم القراءة أخي عبدا لله (وما أكثر العبادلة الذين في حياتي)
ربما ...أقول ربما يؤمن بأن الحب أقوى من الكراهية .. ويرمي أسلحته التي جمعها , ليهديها لي فور انعتاقي من غرف الصقيع ...
إنني ابحث في الكلمات
عن الملاح الحقيقي للحياة
عن أصدق ماستودعته النفس ..
من إحساس عزيز وغالي ..
فأصبح سر وضمير الخفقة وحياتها
انه من المحزن أن تموت الكلمات في القلب ..
في لحظة البحث عن فرص العمر ...
ولكن القلب يتحد مع العقل في الاحتفاظ بأجمل عبارة آتية من الصدق ..
وبأحلى التفاتة تستقر في رؤى الإنسان الصادئ !

وبعض الكلمات ..
لا بد أن تقال وحدها
بلا مقدمات , وبلا تفسير , وبلا مسميات ..
إنها الكلمات التي تطلع من الصدر كنبتة اللبلاب ..
ماتلبث أن تكبر وتتسلق جدار النفس ,
وتنشر فيئها .. وتصبح سفرا متواصلا ..

تبددتُ وتبعثرت ..
رميت إلى خارج الزمان ..
وأنا ذرات من الشجن , والتكامل , والامتلاء ..
والخوف من الفقد من داخل الزمان !
إنني استلقي على صدر أملي – هذا الذي يمنحني بطاقة عمري –
وخلفي حزن احاول أن اغتسل منه ..
وفي داخلي بهاء وفرح اكبر من حسي .. اخاف منه ..
امتلكت فيه يقيني وخفقي , وتجدد عشقي للحياة !
ولم احتمل أن استرجع ما أخذني وأعطاني العمر الحقيقي ..
بل إنني أحيا اغماضة الهدب لتتفتح زهور الحياة ..
فيكفي أن لا نخون صدقنا .. يكفي أن نفكر في السعادة ..
ولكن هذه السعادة هي لحظة تشرق , ثم نجترها بعد ذلك ,
فالمكتوب في معنى القدر :
أن نستمر في اجترار السعادة ..
ونظراتنا تغرق في الخوف من الفقد ..
ذلك الذي يقوض بناء النفس !!

هذا المساء .. رأيت فيه زماني ..
فأترعني وجدا , وأمرع نبضي فأحالني إلى خفقة تذوب وتكبر ..
وأثخنني الشوق لهفة وانسكابا !
انني أحلم أن أكون كشجرة هرمة ..
هطل الغيث عليها فروى تربتها واخصبت من جديد ..
وطرحت ثمارها ..

إنني أصادر فرحتي قبل اتساعها ..
لئلا أتحول إلى محيط يغرقني ,
ثم يرميني – كصدف البحر – وأغيب في الرمل !
إنني إنسانا وتمثالا ..
وجدانا ولونا !!
إنني ابكي بابتسامة
واضحك بآهة ..
وأتبدد كالواقف فوق الماء !!
تلاحقت أنفاسي كطفل ضائع
يبحث عن أمه ليرتمى بين أحضانها
ويهدأ ويسكن ويغفوا !
أنا الفرح الثمل في مطلع الأمسيات !!
الحافلة بالتوق والشجون
كانت الخطوة .. بداية العالم ووجدانه الذي أفاق
كانت المسافة .. هي حصاد العمر الذي كان أعمى فأبصر
ركضت فيها وهزمت تعب الأيام الراحلة
وامتلكت رؤية الزهرة وهي تتفتح وتعبق وتنتشي !!

ثم .. صحا الوقت
ليعيدني من خارج الزمان
ويرميني مذهولا ..
منسيا في خيام قبيلة من الحزن الجديد!!

الأربعاء، 26 يناير 2011

تشكل

في نهاية مرحلتي المنوسطه بدأت اعي وافهم العالم الذي انا فيه , ايقنت انني قد اكون مختلفا ولكني بالتأكيد لست شاذا , وضعت نصب عيني النجاح والتفوق وان نسب عائلتي وثروت ابي لن تنتشلني من السوداوية التي حولي, لن انتظر طوق نجاة من أحد .. قرب او بعد .
ركزت على دراستي تفوقت وتقدمت وبدأت تطوير ذاتي بالقراءة الحرة , قرأت امهات الكتب في مختلف الفنون , التحقت بدورات مختلفه تصميم ورسم وتطوير الذات .
كان لوالدي مزرعه خارج الرياض كانت ومازالت هي الحضن الدافئ وكان سيدي الوالد منحني الضوء الاخضر للتصرف فيها وتصميمها كيفما اردت , بالطبع لم يرق ذلك لأخوتي ابدا , استطيع ان أدعي انني بنيتها طوبة فوق اخرى , اصبحت عالمي الخاص واذا افتقدني احد فانه يجدني هناك بلا عناء .
البحر له قصة عشق جميلة معي , ولأن الرياض بلا بحر فقد صنعت لي بحرا , قمت بانشاء بحيرة كبيرة داخل المزرعه واسميتها بحري حتى رمل البحر جلبته لها , لاانكر ان من حولي استغرب الفكره وربما استهجن ذلك , ولكن سيدتي الوالدة شجعتني ووقفت بجانبي لذى فور الانتهاء جهزت حفل افتتاح وقص للشريط , كان الحفل على شرف والديي واذكر ان ذاك اليوم كان مميزا وبقي في الذاكره .
الثانوية العامه ايضا بمدارس الرياض كانت مرحلة لاتنسى .. فيها تنفست الحياة... اكتشفت شخصيتي الحقيقيه تكونت لي صداقات رائعه منها ماندثر وآخرى ممتدة الى الان , ولكنني لن انسى نديم روحي سلمان , كل شيئ فيه جميل, كانت علاقتنا عجيبه وطدناها بالرسائل , نعم بالرسائل , كل نهاية اسبوع يكتب لي واكتب له , كان مشروع اديب ومفكر سبق عمره كثيرا .. ولكن الموت اختطفه مني ..
في ذلك اليوم الذي اتذكر تفاصيله ..
يوم اربعاء وكنا متفقين على الخروج للمزرعه فجر الخميس , كان آخر اتصال بيننا الساعه العاشره , مساء الاربعاء جددنا الوعد ووضعنا التفاصيل ,,
في تلك الليله جافاني النوم شعرت بانقباض لم اعرف كهنه , نهضت لتفقد والديي .. هما بخير .. ماما زينب تؤدي وترها .. اذا مالخطب ؟؟؟
صليت الفجر .. وانتظرت سلمان لم يأت !!! اتصلت ...لا مجيب حاولت وحاولت ابدا ,, لاأحد ..
لم اطق الانتظار يممت صوب منزله , سيارات كثيره .. بشر.. الابواب مشرعه ..
دقات قلبي تنبض سريعا , قدماي لم تقوى على حملي , وقفت امام الباب واذ بوالده امامي , لم يقل شيئا ... فقط حضنني ,,
بكيت ولم اعرف الخبر(الصاعقه) بعد ..
أردف ... سلمان راح سلمان رحل .. ثم لم أعد اسمع شيئا ..
فتحت عيناي واذ بي بالمشفى وجوه اعرفها سيدتي الوالده ماما زينب بعض خالاتي واخواتي الجوهره والبندري وهدى وبناتهم .. وايضا العنود ونوف وووو ...
ماذا حدث ؟؟ قلت ..
اجابوا اعتني بنفسك وكل شي سيكون على مايرام ...
سلمان أين سلمان .. ردوا بالدموع ..
ماذا ؟؟؟؟ سلمان!!! نديمي رحل ... يعني مات !!!!
لن اعد أراه .. لن اشم رائحته .. لن احضنه ,,,؟؟؟؟
حالوا التخفيف عني وماعلموا انها مصيبتي كبيره , وخسارتي فادحه ..
خرجت بعد ايام وكأني احمل روحي بين راحتي .. مازال صوته في اذني .. بسمته .. ضحكته .. طريقته في الغضب مني.. ولكنه القدر ...
مراهق ارعن قطع الاشاره وسرق روحه ... وفوق ذلك يطلق وبكتفى بعرض بعض الدراهم .. قيمة روحه .. وقلم يمهر به توقيع تنازل ...
يارباه ... صرت وحيدا ..
بموته بدأ مسلسل الفقد في حياتي ...

بموتك ياسلمان يفقد الحب والوفاء والبر علامة من علاماته الجميلة... في ليلة سوداء اصبحت لاافهم قيمة الكلام وحقيقة الصمت ....
رحيلك خسارة لنا ومكسب للجنة..
عندما يخسر العالم انسانا نبيلا فكلنا نخسر العالم بموتك .......
كنت تملك البورصة القادرة على تحويل المعادن والعملات الى حسنات تمشي على الأرض ..
وتطرق الأبواب وتنشر الدفء في القلوب المضطربة ..
الموت حق لكنه صعب أحيانا !!!
كنت نخلة في واحة يحاصرها الجفاف !!
وقلعة في حصن تطمسة الرياح الزاحفة !!!
مات سلمان ... نقص الكون نخلة باسقة !!!!

يتبع

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

تداعيات

كنت في صغري أميل الى العزلة أكثر علمت من صغري أن هناك شيئ يحصل حولي وان لم أعي ماهو .. عند خروجنا أو زيارة أطفال لمنزلنا لم أكن بذلك الطفل الذي يفرح بهم ليلعب ويلهو كنت خائفا .. لأنه في كل مره أعلم أنهم سيجتمعون علي ويضايقونني لذى كنت اختار مبدأ السلامة والابتعاد ...
بعد ان كبرت قليلا وبعد محاولات سيدتي الوالدة معي وحثي على عدم الخوف وانني مثلهم تماما بدأت أتجرأ قليلا وان لم أكن شجاعا في كل الاحوال ..
في المرحلة المتوسطة تعودت على كل شي لم أعد اتضايق وان علمت ان الاطفال خرجوا للنزهه ولم يدعونني .. لم أعد أكترث لكلمات الاستهزاء بالتلميح أحيانا وبالتصريح أحايين أخرى ...
بدأت اغشى مجلس سيدي الوالد واستقبل ضيوفه جميعا وسط تذمر اخوتي الكبار واحتجاجهم لحضوري بحجة صغري وعدم المامي بمجالس الرجال فأنا بنظرهم ( ولد امه ) فأنى لي مقارعة الرجال وغشي مجالسهم ..
كنت اعود من المجلس كل ليله ودمعة محبوسه في عيني سريعا ماتنهمر بمجرد رؤيتي لأمي واحتضانها لي , واحيانا تقرعني بمحبه بأني رجل ولا ينبغي ان اضعف او استسلم وتتمم ماما زينب حديثها بأنها ستزعل مني ان رأتني على تلك الحال , اعدهم حينها بأن ذلك لن يتكرر , وفي اليوم التالي يتكرر نفس المشهد ونفس الدموع ...
كانوا اخوتي يحاولن ايغار صدر والدي بالقصص المختلقه فتارة ان المدرسة تشتكي مني ومن اهمالي , واخرى انه نما الى علمهم أني اعرف شباب اصحاب سلوك سيئ قد يفسدونني , والذي أقض مضجعهم ان والدي دائما يوصد الابواب في وجوههم ويقول هذا ابني وانا ربيته ويستحيل ان يسلك مسلكا شائنا , واحيانا يقرعهم بالكلام بقوله (( ماعليكم منه ربوا عيالكم زي تربيته بعدين تكلموا )) ..
اخترت دائما مبدأ السلامه فلم أحاول أن انقل لوالديي مواقف تحصل معي من اخوتي مرات كثيره , صمت ولم أصعد الموقف لعلمي بأنهما سيغضبان جدا ولن يتركا الموقف يمر بدون محاسبه ...
جدي لوالدتي أحببته كثيرا رقم اقامته بالقاهره وبعده لكني أحبه كثيرا وهو يحبني وعندما كبرت قليلا وانا بالثاني متوسط كنت أتوسل لوالدتي أن لا أسافر معهم , بل أرغب قضاء الصيف لدى جدي بالقاهره وأصبحت تلك عادة لي وان كان مسافرا فاني ألحق به في أي مكان , زوجته سيدة طيبه انجبت له بنين وبنات في عمري واكبر مني , ولكنهم جميعا مختلفين بحكم البيئة التي عاشوا فيها , فهم بسيطين جدا ومتعلمين ويبهرونني بثقافتهم العالية ومازلت احفظ لهم الجميل لأنهم جعلوني أدمن القراءة ودلوني على المكتبات العريقة كمكتبة مدبولي وغيرها .. حاول جدي مرارا مع والدي السماح لي بالاقامه عنده ولكن قوبل ذلك بالرفض الشديد خصوصا من والدتي , وايضا بتدخل من اخوتي ورفضهم ذلك بحجة انني قد أنحرف هناك حيث سأعيش بلا رقابه أو متابعه ...
( يتبع )

الجمعة، 27 أغسطس 2010

تعال اخبرك ماذا تقول لمن جرحك ...

انـك نسيتهـم .. وأدر لهـم ظهـر قلبـك ....
وأمـض ِفـي الطـريق المعاكـس لهـم فربما كان هناك.. فـي الجهة الأخرى.. أناس يستحقونك أكثـر منهـم ...
قل لهـم .. إن الأيـام لا تتكـرر.. وإن المـراحـل لا تعـاد .. وإنـك ذات يـوم .. خلفتهـم تمـامـاً كمـا خلفــوك فــي الـوراء وإن العـمـر لا يعـود إلــى الــوراء أبــداً...
قل لهم .. إنك لفظت آخر أحلامك بهـم.. حين لفظت قلوبهـم.. وإنك بكيت خلفهـم كثيـراً حتـى إقتنعـت بمـوتهـم وإنـك لا تملـك قـدرة إعادتهم إلـى الحياة فــي قلبــك مــرة أخــرى بعــد أن إختــاروا الـمــوت فيــك ..
قل لهـم .. إن رحـيلهــم جعلـك تعـيـد إكتشاف نفسـك.. وإكتشـاف الأشيـاء حولـك وإنـك إكتشفــت أنهـم ليـسـوا آخـر المشـوار.. ولا آخـر الإحساس.. ولا آخـر الأحـلام.. وأن هنـاك أشيـاء أخــرى جـمـيلـة.. ومـثيـرة.. ورائعــة تـستـحــق عـشــق الـحـيــاة وإسـتـمــراريـتــهــا ...
قل لهـم.. إنـك أعـدت طـلاء نفـسـك بعـدهـم.. وأزلـت آثـار بصمـاتـهـم مـن جـدران أعماقـك.. وأقتلعـت كـل خناجـرهم من ظهرك وأعدت ولادتك مـن جديـد وحرصت على تنقية المساحات الملوثة منهـم بك ، وإن مساحتك النقيـة مـــا عـــادت تـتـســع لـهـــم .
قل لهـم .. إنك أغلقت كـل محطات الإنتظار خلفهـم.. فلـم تعـد ترتـدي رداء الشـوق وتقـف فـوق محطـات عودتهـم.. تترقـب القـادميـن.. وتدقـق في وجـوه المسافريـن.. وتبحث في الزحام عـن ظلالهـم وعطـرهـم وأثـرهـم عـل صـدفــة جـمـيـلــة تـأتــي بـهــم إلـيــك ..
قل لهم .. ان صـلاحيتهـم إنتهت.. وأن النبض في قلبك ليس بنبضهم.. وأن المكان فـي ذاكرتك ليس بمكانهم.. ولم يتبق لهم بك سوى الأمـس.. بكل ألم وأســى وذكـــرى الأمـــس ...
قل لهـم .. إنـك نزفتهـم في لحظـات ألمـك كدمـك.. وإنـك أجهضتهـم فـي لحظـات غيابهـم كجنيـن ميـت بداخلـك.. وإنـك أطلقـت سراحهـم منـك كـالطيـور وأغلقـت الأبـواب دونـهـم وعـاهـدت نفسـك ألا تفـتـح أبـوابـك إلا لأولئـك الــذيــن يسـتـحـقـــون .
قل لهـم.. إن لكـل إحسـاس زماناً.. ولكل حلم زماناً.. ولكـل حكايـة زمانـاً.. ولكـل حزن زماناً.. ولكل فـرح زمانـاً.. ولكل بشـر زمانـاً.. ولكـل فرسـان زمانـاً وإن زمنهـم إنتهـى بــك منـذ زمــن .
قل لهم..
لا تقل لهم شيئا..
إستقبلهم بصمت فالصمت أحيـاناً قـدرة فائقـة علـى التعبيـر عمـا تعجـز الحـروف والكلمـات عـن تـوضيحــه ..

الاثنين، 16 أغسطس 2010

وكان الأخضر ياأمي ...

وكان الأخضر يا أمي ...
لون الدعاء ولون البركة , ولون تلك الكلمات التي كنتِ تقولينها لي دوماً (يا سعود ربي يجعل طريقك اخضر) وكنت ابتسم لبراءة الدعوة وبساطتها , حتى كان الأخضر يا أمي , لا حتى جاء الأخضر يا أمي منتقلاً من سجادة الصلاة التي كنتِ تضعين عليها جبينك الذي اشتاق , إلى هذا البراح الذي أعيش فيه , ويلفني كل صباح بدرجات الأخضر وإغراءات زهوه وحريته , إلى هذه السجادة الخضراء التي لها أن تكون كجبين لا يبارح الأرض ولا يتوقف عن الدعاء....
كنت وقتها في طريقي المعتاد إلى العمل , توقفت فجأة وأنا بين المارة وابتسمت , عندما وجدت الأخضر يعانق الأخضر , كان الشجر يا أمي يتباهى باللون , يتباهي بالورق الذي يحرضه الهواء على الابتسام , حقيقة ضحكت ودمعت عيني ووقفت كثيراً أتذكر ابتهالك , وأتذكر تاريخ الأخضر في تاريخك , وتاريخ الياسمين (وفخاريات) الجوري التي لها بعض نبض قلبك....
تعرفين يا أمي..
أفكر أحياناً أن كل أنثى لها تاريخ مع الأخضر , هي أنثى من صبر وحكمة , أنثى لها جذور ضاربة في الأرض... ان فتحت كفيها للسماء نبتت دعوة واستجابة.. إذن : كثير من دعاء يا أمي أن يصل الأخضر إلى قلبي , أن تنبت فيه زهور القناديل ودوار الشمس , أن يخترقه نهر من اليقين , وان يمتد فيه جسر من الإيمان إلى الطمأنينة , وان يغفو كل ليلة على نوايا الكرامة والضمير....
بعدما انتهى تاريخ الكتابة لك , قررت جدياً أن لا اكتب عنك , أن أضع للأبجدية التي تخصك فصل نهاية , وأتوقف عن خلق مناجاة هي أشبه بالهلوسة لا اكثر, لكن الأخضر اليوم فتح شهيتي للكتابة , وربي فتح شهيتي للكتابة , (للحكي) عن الأخضر للبياض , وللمساحات الفارغة كـ ليال اجترار؛ ما دونته الذاكرة عن روح الذكريات.
أعدك: لن أدمع.
أعدك: لن أخذ نفساً عميقاً بين جملة وأخرى.
أعدك: لن يأخذني (السرحان) إلى نقاط نهايات القصص... لكنه الأخضر ودون دراية مني ,. نشر بساط ربيعه في الذاكرة , حتى قادني إلى وجهك الذي أحببت , وجهك الذي ما ان أخذه الموت حتى صارت أبجديتي (تحوقل) على مجدها , كأنما وجهك كان سند للحرف وحماية , كأنما كان محبرتي , كأنما كان (فانوساً) سحرياً ألمسه بأصابعي العشر فيهبها مارد المعنى....
حضور وهجك هذا الصباح جعلني على علم كيف أن الغياب يباس , والموت يباس , وان الوحدة ليست إلا مجاملة على عجل , أو نفور على مهل...
هل وعدتك: ألا أدمع؟
هل وعدتك: أني لن آخذ نفساً عميقاً بين جملة وأخرى؟
هل وعدتك: أن لن يأخذني (السرحان) إلى نقاط نهايات القصص؟
سامح الله الأخضر..!!
لكني: أشتاق..
ورب السماء..
ورب الأرض..
ورب الأخضر..
ورب الشجر والظلال..
ورب الأغصان التي تنتهي بالثمر..
ورب العصافير التي تنقر العنب..
ورب هذا الصوت الذي تتركه الريح على وجه الأوراق..
يا أيها الأخضر.. كفى..!!
شوق أخضر إلى نور وجهها:
لم تكن الرياض مغطاة بالأخضر..
بهذا التنوع من الزهور والأنهار التي تشق قلب الملل.. لكنها كانت بساط ممتد لتلك الأيام التي زرعنا فيها ما حصدناه حباً واقتراب...
كانت روحك خضراء.. يمتد إليها ومنها ألف غصن رطب , وعدد لانهائي من الأوراق المبتلة, كنتِ كالعصافير توقظين الصباح , وتسدلين ستار الليل على مساحات من هدوء.
الأخضر هنا.. جدد (حس) غيابكِ , جعلني أفتح أبواب الذاكرة الصوتية , لأسترجع نبرة أسمي في صوتك , وقائمة النصائح التي تهذبين من خلالها سيرة النسيان عندي.
الآن أنا هنا.. وأنت هناك.. والرياض بعيدة عن سعينا.. نستحضرها إلى الذاكرة كي نصنع حوارا طويلا جدا عن أيام مضت.. فنجعلها خضراء مورقة باردة.. نلبسها النهر كقلادة على صدرها , ونزين جبينها بالزهور...
يفتقدك قلبي.. وأحن إليك كحمائم الدار.. قولي لي إننا ذات عودة سنتحدث طويلاً عن الأخضر..
إننا سنقول كلاماً كثيراً وببطء شديد عن الغربة والحنين..
وسنضحك.. كثيرا سنضحك... حتى نعمر الذاكرة بالصوت والنبرة من جديد.

الخميس، 12 أغسطس 2010

في بعض الغياب لذة !!

ألا يا كيف ضحكتك تملأني سرور!..
وتزين الدنيا في ناظري..
وتجعلني أستشعر سعادة لا يعبر عنها الكلام!
خليط من النشوة والفرحة له وقع وليس له تعريف!!
ألا يا كيف تنثرين إطلالتك من حولي أسرار الحياة الحلوة فآخذ من كل ما هو جميل نتفا .. نتفا وبعضا .. بعضا .. حتى أتورد بألوان الطيف!..
وأسمو بأنواع الارتقاء!
وأطفو على الأحزان كلها وكأنها صارت ذرات وأنا بحجم الكون!
كمن يقتسم نصيبه من مجموعة حلوى كان يسمع بحلاوتها ثم وجدها بين يديه!
ألا يا كيف تملكين أن تجدديني وتسعديني وتبهريني وتغيريني وتجعليني طوع الفرح .. وأنا ذلك العصي حتى على المطارق الحديدية!!
من يصدق أن في بعض الغياب لذة!!
هناك أشخاص بيننا نراهم كل يوم نجلس معهم كل يوم.. نسمعهم كل يوم .. لكن لا تأثير لهم علينا أبعد من تأثير البسمة على وجه طفل!
سرعان ما تتوهج وسرعان ما تنطفئ!!
وآخرون هم في حياتنا مثل كوكب دري، نسمع عنه ولا نراه..
ونعرف تأثيره ولانلمسه،
يشغلنا في بعده ولا يقربنا ولا نقترب منه!
ومع ذلك هؤلاء الكواكب ...
البعيدون لهم هيمنة تغير فينا كل ما هو صعب أن يتغير!
وتحرك فينا كل ما هو قبلهم لا يتحرك!
وتجعلنا نحب أن نكون على الأرض....
كما يريدون لنا أن نكون طواعية نمشي على كيفهم وعلى أمرهم
وكأننا في حالة تنويم مغناطيسي...
لا يتجه المغناطيس فينا إلا ناحيتهم ولا ينجذب إلا إليهم!!
في بعض الغياب لذة!
غير لذة الشوق والحنين والاحتياج..
لذة أقوى من الحضور يكفيك من غائبك العزيز
أنه موجود دائما هنا انتبه حيث جوفك!
إني أشير إلى داخلك!
تعيش وهو فيك ومعك ..
إن ضحكت وإن بكيت ..
وإن تعبت .. وإن نمت أو صحوت ..
طيفه أمامك لا يفارقك ..
والأهم عندما تهم أن ترتكب أمرا ..
تستفتي قلبك فإن وجدته لا يرضيه لا تفعله!!
هؤلاء الغائبون الأعزاء هم «حراس» حياتنا ..
لأن غيابهم لم يجعلنا نمارس التمرد أو العصيان عليهم
لم يعلمنا الرحيل عنهم!
لم يجعلنا نتحرر من أسرهم ..
حتى المتعة لا تشتهى ولا نشتهيها
إذا كانت ضد رغبتهم!
فإذا عافت النفس المتع التي لا ترضيهم
هل تصبر على العذابات إلا لكي ترضيهم!!
في بعض الغياب لذة!
لأنك مأسور لما تحسه ولا تراه والإحساس أقوى من الصورة!
بالإحساس نتعامل مع الوجود ومع الآخرين ...
ومع المقربين والأبعدين وحتى مع أنفسنا!
وهؤلاء الذين نحسهم ولا نراهم أمسكوا بزمامنا على البعد
وشاءوا أم أبوا هم الذين يقودون تحركاتنا ولو من بعيد!
لا تخف من الحاضرين بل خف من الغائبين ...
الذين لهم عندك حظوة وسطوة وقوة نفوذ...
فالحاضر أمام عينيك تستطيع صده ..
أما الغائب وقد تغلغل فيك تخاف أنت صده!!
مرات كثيرة تقبض على نفسك قبل أن يجرفها الحنين!
وتمنع نفسك قبل أن يلتهمها الإغراء!
وعندما تفعل ذلك تتعب لكنك لا تخسر وهذا الأهم ...
وهؤلاء الغائبون الذين هم حراس حياتنا أقدر الناس..
على معاونتنا ومساعدتنا على البقاء واقفين ..
لا نقدم التنازلات باسم الظروف حكمت أو الضغوط أجبرت!
إننا نعبد الله عز وجل ولا نراه والعبادة حرز مكين ضد السقوط ..
وقوة إمداد تمدك بالصمود واليقين بالنصر ولو بعد حين ..
فليس دائما ما نراه هو الأقوى .. لأن السر ليس في المسافة..
القرب والبعد إنما السر في الحب واليقين لذلك نعبد الله وكأننا نراه....
ولذلك المسافة بينك وبين الآخر لا تهم ..
لأن شيئا واحدا فقط يقهر المسافة ...
يقهر المسافات بكل أنواعها ..


الحب..!