السبت، 7 مايو 2011

قرار مصيري !!

لا زلت أحن لدراستي الثانوية وزاد ذاك الحنين قراءتي اليوم لخبر , بان مدارس الرياض تحتفل بتخريج دفعتها الخامسة والثلاثون من طلبتها , كانت مدرستي ركيزة اساسية في إثرائي معرفيا , كانت بيئة تعليمية ممتازة قل نظيرها في ذلك الوقت
مع ان هناك شائعة تدور بين افواه الناس بأن طلاب هذه المدارس مدللين ويومهم الدراسي يمضونه وكأنهم في رحلة , وهذا كلام غير دقيق اطلاقا , تميزت مدرستي بالانضباط وتطبيق القانون بصورة جدية ,
مابرح يوم تخرجي عالق في ذاكرتي كان الموقف مهيب , شاركت في مشهد تمثيلي امام راعي الحفل وكان يحكي عن فتح الرياض ورددت قصيدة احفظ ابياتها الى الان ..
بنهاية الحفل اختلطت دموعنا نحن الطلاب , وايقنا ان هذه هي الخطوه نحو حياتنا القادمة , بقدر فرحنا ذلك اليوم كان في حلق كل واحد منا غصة أبت الا ان تترجمها الدموع , عندما انفض الجمع تحلقنا نحن الطلاب لوحدنا وطغى هدوء مهيب واكتست الوجوه وجوما وصفرة , دام الصمت ما يقارب العشر دقائق , كل منا حلق في عالمه.
استعرضت شريط حياتي في دقائق , يومي الاول في المدرسة بعد الروضة والتمهيدي كنت مزهوا بنفسي ولم انم تلك الليلة كنت انتظر الصباح بشغف , كنت اظن بتفكيري الطفولي انني ذاهب لمكان اكبر وبه ألعاب كبيرة وكثيرة .
تذكرت آلامي وآمالي وخيباتي طوال الاثنتي عشرا عاما , انكساراتي ثم وقوفي , صراعاتي وتفوقي , دموعي , ابتساماتي احلامي التي نمت معي ,
اتذكر اول يوم بالمدرسه حينما ضحك الطلاب على لتغت لساني , واصبح طلاب الصفوف العليا يستوقفونني ويطلبوا مني نطق كلمات بها حرف الراء ليضحكوا على طريقة نطقي .. اتذكر اول شهادة تفوق , اول عراك لي , اول حفلة اقامنها الماما لتفوقي .. اول هديه , اول بسمه , ودموعي التي رافقتني في مسيرتي ...
افقت على صوت فهد , يناديني واذ المكان يضج بالاصوات , انضممت اليهم وشرع كل واحد يتحدث عن الوجهه القادمه ,
احمد و نواف قررا دخول كلية ساندهيرست العسكرية بلندن , مشعل سيدرس القانون , سلطان يعشق السياسة , سطام مهووس بالبرمجيات
, واكمل الباقين احلامهم وامانيهم ..
حتى جاء دوري فأسقط في يدي ... وقتها لم احسم أمري بعد ॥ كنت افكر بدراسة الفنون الجميلة بايطاليا , وعرضت الامر على والدي ولم يمانع , ولكنه اقترح ان ادرس ادارة الاعمال وتبقى الفنون الجميلة بامكاني اخذ دورات فيها وعدته بالتفكير بالامر ..

سعود لم تتكلم ؟ اين ستدرس؟ لحظتها قلت بلا تفكير سأدرس ادارة اعمال ...
انفض الجمع تلك الليلة , يممت صوب المزرعه كنت بحاجة للانفراد بنفسي

سار الوقت سريعا وتوجب علي الاختيار , وتوكلت على ربي وقررت الدراسة بامريكا انهيت جميع الاجراءت وكنت احمل هم بعدي عن سيدتي الوالدة ووالدي وماما زينب والبقية , حزمت حقائبي وكان يوم الرحيل يوم نحيب للجميع وكأني لاول مرة اسافر مع اني كنت اغيب بالشهر والشهرين ..
وصلت مدينتي وكنت اعرفها مسبقا , مرت الشهور رتيبة تعودت على الاجواء , واستمتعت بها , بعد شهرين بدأ المرض ينهش جسد سيدتي الوالدة , اصبحت كل شهرين اسافر للاطمئنان عليها , مع عتب بسيط منها باني ارهق نفسي بالسفر وتطميناتها انها بخير , وانا بغربتي حاولت اتماسك ان اقنع نفسي بان الامور ستسير بخير , ولكن طيف والدتي لا يفارقني ..
بعد سنه من الغربه وجدت نفسي احزم حقائبي وأعود ناكصا الى الرياض مقررا عدم الاستمرار .. أريد أن أضل قريبا من حضن امي ..
قرار عودتي رافقه جلبة عظيمه من قبل اخوتي لاموا ابي كثيرا وقالوا سبق ان اخبرناك انه لن يكمل ولن يكون مثلنا وانت استعجلت في ارساله لافضل الجامعات وهاهو عاد بخفي حنين , لم يدع لهم المجال او الفرصه واغلق الابواب في وجوههم ..
وقال : اهتموا بأبنائكم ودعوا ابني هو يعرف كيف يتكفل بنفسه ..
اكملت دراستي بالداخل بنفس التخصص ولم اندم على ذلك ابدا , رافقت والدتي في مرضها سافرت معها , بت قريبا قريبا منها ..
عدت كالطفل بين يديها انام في حضنها وارتشف من حكمتها وعطفها وحنانها ,,






وها انا اليوم افقد بوصلتي ..
محراب الحنان ..
ونور الحكمه ..
ولكن الذي يربط فؤادي ...
ان دعواتها وصلواتها تحرسني الى اليوم ...
وبعدها اصبحت امهات العالم .. امهات لي ...